07 August 2014

الأحافير الحية.. كائنات بدائية مثيرة تعيش بيننا

الأحافير الحية..
كائنات بدائية مثيرة تعيش بيننا!





إعداد: عبدالله خميس

"الأحافير الحية" Living Fossils اصطلاح علمي ابتكره تشارلز داروِن، وهو يشير إلى فئة من الكائنات الحية تَعَرّف عليها العلماء كأحافير يرجع عمر تحجر غالبيتها إلى ملايين السنين، إلا أنها في حقيقة الأمر لا تزال تعيش وتتكاثر في عالم اليوم ولم يتغير شيء كبير في شكلها الذي كانت عليه قبل ملايين السنوات. يمكن للأحافير الحية أن تكون نباتات أو حشرات أو حيوانات برية أو برمائيات أو كائنات بحرية أو طيورا. ومعظم الأحافير الحية فقدت أقاربها الشبيهين بها من الأنواع الفرعية الداخلة ضمن نفس فصيلتها، وهكذا بقيت لوحدها لتكون "مقطوعة من شجرة العائلة الكبرى" وحيدة متفردة بوجودها وبنسلها الصغير حولها.

معظم الأحافير الحية معرضة للانقراض، لكن بعضها أبعد ما يكون عن أي خطر. فالتمساح واحد من الأحافير الحية لأنه وجد قبل الديناصورات بملايين السنين، وهناك أحافير للتمساح ترجع لأزمنة سحيقة  تظهر وجوده (متحجرا) ولم يتغير شيء فيه عن التمساح الذي نعرفه اليوم، أما بعض الكائنات التي جاءت بعده فقد انقرضت، فيما ظل هو على ما هو عليه لمئات الملايين من السنين. وهناك أحافير حية أخرى معرضة للانقراض بشدة، بل إن بعضها كان مصنفا في عداد الكائنات المنقرضة. وحين يتم اكتشاف أحفورة حية فإن ذلك يمثل كنزا معرفيا للعلماء كما يشكل مصدر دهشة لأن أمر اكتشاف أحفورة حية يشبه أن تخرج لتتمشى في الشارع لتجد مجموعة من الديناصورات تتنزه إلى جوارك!



ظهرت الأحافير الحية قبل ظهور الإنسان بملايين السنين، ومن بعضها تولدت أشكال جديدة للحياة كما نعرفها اليوم. فمن أسلاف شبيهة بالتماسيح جاءت الديناصورات. ومن الديناصورات ظهرت طيور بدائية منقرضة غريبة الشكل، ومن هذه الطيور البدائية ولدت الطيور المعاصرة عبر تطور بيولوجي استمر ملايين السنين. ولذا فإن الأحافير الحية تعتبر أعظم كنز للعلماء لدراسة تاريخ المخلوقات.

فالأحفورة المتحجرة لسمكة السيلاكانث، مثلا، لن ترينا أسلوب تزاوج هذا الكائن وطريقة سباحته في الماء وتحريكه لزعانفه. لكن سمكة السيلاكانث كأحفورة حية قادرة على أن ترينا كل ذلك رأي العين وتفتح لنا نافذة واسعة على تاريخنا وتاريخ العالم من حولنا.



وإزاء أهمية الأحافير الحية فإنه يقع على عاتق الإنسان دور أخلاقي يتمثل في الحفاظ على هذه الكائنات التي ناضلت للبقاء حية على مر العصور وتكيفت مع مختلف المتغيرات التي مرت بكوكبنا الأرضي من عصور جليدية وأخرى حارة وغيرها. إن الإنسان ضئيل بيولوجيّا أمام الأحافير الحية، وهو لا يغدو كبيرا إلا بالتزامه الأخلاقي باحترام هذه المخلوقات التي ناضلت للبقاء لتروي لنا قصة الخلق.

No comments:

Post a Comment

Note: Only a member of this blog may post a comment.