22 November 2014

خبزٌ عَفِن

خُـبْــزٌ عَـفِـن*



الخبز يفسد في مطبخي، حتى والكيسة لم تُفتح بعد!
* * *
أعاني فقرا مُدقعا في عدد أصدقائي
إنني بحاجة لأصدقاء جدد. من أين آتي بهم؟
بل أين ذهب الأصدقاء القدامى؟!
* * *
بحاجة إلى حاسوب جديد لأن الحالي قد شاخ
ماذا أفعل بحاسوب جديد، وأنا قد شختُ أيضا؟!
* * *
إذا استبعدتُ الحبَ كشرط للزواج لغياب من تبادلني إياه، واكتفيت بالاستلطاف ....................
.......................................
.......................................
............ وحتى لو التقيتُ بفتاةٍ أستلطفها وتصلح لي كزوجة
الاستلطاف لا يستحق تجديد سلفيتي البنكية
الحب يستحق. الحب يستحق كل شيء.
* * *
أريد شراء سيارة جديدة. رغبة ملحة هذه الأيام.
ولكن، لماذا وأعطال الحالية قابلة للتصليح بواحد بالمائة من تكلفة شراء سيارة جديدة؟! أظنني سأغير السيارة لا لأنني مللتها، ولكن لأنني مللتُ نفسي بداخلها (لا أستطيع أن أغيّر نفسي) كما مللتُ المشاوير التي تأخذني إليها لا إلى غيرها كل يوم. هل سيارة جديدة تعرف دروبا جديدة لم أطرقها من قبل؟
* * *
السينما هي الشيء الوحيد الذي أشتهيه الآن
لكن كل الأفلام المعروضة رديئة
عليّ عدم الذهاب لتظل الشهوة قائمة.
* * *
"نهاري مع الناس، حتى إذا بدا لي الليل
هزتني إليك المهاجعُ"
صح لسانك يا طلال
* * *
ومع أنني بصفة عامة ضد زواج الرجل من امرأتين
إلا أنني ساعدتُ صديقا للقيام بهذا
فقط إنقاذا للزوجة الجديدة من مصير مؤلم (وذلك أخف الأضرار)

تبا لها من مجتمعات: إنها لا تعلمنا فعل ما نؤمن به، إنها تعلمنا اختيار أخف الأضرار
الأضرار التي مهما خفّت، تظل أضرارا
* * *
صديقتي المتزوجة (وأم الأطفال الأربعة) قالت حين علمتْ أني خسرتُ حبّا:
- عليك أن تفرح! ذلك يعني أن حبا جديدا آت!. ليس كل واحد يُرزق نعمةَ أن يبدأ حبا جديدا مرة أخرى في حياته!
* * *
نومة الظهيرة صارت أقسى من نوم الليل. أصبح هذا نمطا تسير عليه الأمور: بدء الإغفاء يتلازم مع انقباض حاد في القلب. أحس لحظتها أن سكتة قلبية ستخترق فؤادي، وأفز من نومي مذعورا.
أما نومة الليل فتأتي سلسة في بدايتها لأن التعب رؤوف بأبنائه. لكن نهايتها تكون قفزة من على السرير قاطعة كابوسا دمويا. المتوسط قفزتان مذعورتان في كل ليلة. لو أن امرأة تنام بجواري فإنها لاشك كانت ستُذعر حتى الموت للرعب الذي يُقفّزني من فراشي. ولكن يا صاحِ، لو كانت ثمة امرأة بجواري لما كنتُ أصلا سأقفز مذعورا من فراشي!
* * *
من أين يأتي كل هذا العنف في أحلامي؟
لاشك أنني أبذل جهدا كبيرا لكي أبعده عن واقع حياتي، طوال النهار!
* * *
قبيل نومي، كثيرا ما أفكر بترك باب الشقة غير مقفول بالمفتاح. وذلك إذا متّ فلن يصعب عليهم اكتشاف جثتي قبل تعفنها. أريدهم أن يجدوا جثتي يوم وفاتي، لا بعد ذلك بأيام.
كثيرا ما فكرتُ في فعل ذلك، لكني أخاف القيام به. وينتهي بي الأمرُ النومَ وبابُ شقتي مُقفل بالمفتاح.
أخاف أن أتركك يا بابُ مفتوحا لكي لا يكون ذلك نذيرا حقيقيا بموتي اليوم.
لا أريد أن أموت، ولتتحلل جثتي مائة مرة لغاية اكتشافها، ولكن يا موتُ امهلني اليوم، اليومَ أيضا!
* * *
ربما هو الشعور بالوحدة ما يدفعني للتفكير باقتناء قطة منزلية. لا، بل قطتان. قطة واحدة ستشعر بالوحدة. قطتان، هذا جيد. قطة بدلا عن امرأة. علّق أحد الخبثاء: الأمور تبدأ بقطة وتنتهي بنمرة! وأضاف من هو أخبث منه: ودورك أنت يا عزيزي هو الترويض! قلت: ترويض نفسي، ربما، أما عدا ذلك فلا أؤمن بما تقولون.
* * *

حلاقة لحيتي والاستحمام: أكثر شأنين يجلبان لي الفرحة بعد إتيانهما


حلاقة لحيتي والاستحمام: آخر شأنين أتحمس أبدا للقيام بهما!
* * *
ماذا لو رميتُ نفسي للمجهول؟
هل سأتأكد حينها أن المجهول لم يُخلق بعد!
* * *
لن أعترف لأحد مهما كانت الأسباب
أن لديّ ما لم أعترف به بعد!
* * *
لا الماضي كان سعيدا، ولا الحاضر، ولا المستقبل القصير المتبقي لي.
لماذا إذن عليّ أن أتشبث بهذه الحياة؟
* * *
لم تكن طفولتي سعيدة لأفتقدها، كما أنها والحق يقال لم تكن بائسة على نحو تجاوز العاديَّ لأي طفل ولد في مكاني وزماني.
لماذا إذن كلما تيقنتُ أن حاضري بائس وخاو، يرتد بصري باحثا عن نقطة مبهجة في ماضيّ... في ماضيّ الذي بالكاد أتذكره؟ أذلك لأنني أعلم علم اليقين أن مستقبلي الباقي قصير زمنيا، وأنه مملوء بالأوبئة والديدان؟
* * *
اليوم مثلا، لم أكن سعيدا لكل هذا الوقت الذي أهدرته أمام الحاسوب لمجرد قتل الوقت. ماذا كان لدي غير ذلك لأفعله؟
اليوم مثلا. الأمس أيضا. الغد كذلك، ماذا لدي غير هذا لأفعله؟!
* * *
إلى متى سأظل أخصائي إعلام تربوي. أنا الذي ليس إعلاميا حقيقيا، ولا يعنيه الشأن التربوي في شيء!
* * *
علينا قتل الأب (غير البيولوجي). علينا قتل أب الوصاية—لاسيما أب الوصاية الذكورية. علينا جميعا قتله، ولتبدأ الفتيات بذلك أولا.
* * *
الآن قد عدتُ لعُمان وكأنني لم أسافر منها أكثر من ثلاثة أعوام. هي ذي العلامة الدامغة على العودة:
لا يشعر المرء بالخواء كما يشعر به في هذي البلد.

ها قد عدت لعمان بذات أحلام اليقظة التي عشتها فيها قبل السفر: أن أفوز بسيارة ثمينة في سحب أحد المجمعات التجارية فأبيعها وأسدد أقساطي البنكية. هذه هي عمان اختصارا: حلم يقظة سخيف لا يتحقق أبدا.
* * *
أما أصعب ما في الأمر، فهو ضرورة أن لا تعرفي أي شيء عمّا أعانيه لفقدك. لكي يسهُلَ عليكِ نسياني. ما أوجع أن أبذل قصارى جهدي لأساعدك على نسياني، أنا الذي لن أنساك يوما!
* * *
ما أكثر خبزي العفن. هل من يأكله؟
* * *
أمّا حين أترك الكيسة مفتوحة، فالخبز يجف. لذا لا أمل له حتى في أن يفسد، مثلما لا أمل له في أن آكله!
ها أني أدرك أن الخبز الجاف والعفن متساويان في واحدة: كلاهما غير صالح للاستهلاك الآدمي!
* * *
"أملنا لا شفاء منه"، بدليل أننا نتذكر ذلك فقط في لحظات القنوط!

*نصوص متفرقة كتبت في أسابيع مختلفة من عام 2006. نشرتها أصلا في مجلة الرؤيا بمناسبة دخول عام 2007. كنتُ بالكاد قد بدأت أتعافى من قصة حب فاشلة وعظيمة.

No comments:

Post a Comment

Note: Only a member of this blog may post a comment.