31 August 2015

لا ترتدي الكورسيه. أرجوكِ!

لا ترتدي الكورسيه. أرجوكِ!





لستُ على استعدادٍ للحبِّ.
لستُ على استعداد لأحبَّ الآنَ، فأنا محبوبٌ –سلفا- من قِبَلِ ثلاثِ يماماتٍ.
وأنا مهووسٌ بيماماتي. يمامةِ حزني، يمامةِ حضني، يمامةِ شطآني.

لماذا الحبُّ يداهمني الآن—وأنا أخطو نحوَ الذاكرةِ المفقودةِ؟ أذهبُ للفقدانِ، الأحزانِ، النسيانِ، الحرمانِ، الضعفِ الجنسيِّ، الفنتازيا. أذهبُ للكهف كما شِعْرٍ يكتبه سماءُ العيسى! أذهب للشعر—كـ "هسهسةٍ تخرجُ من تابوتٍ". أذهب للكهف الأنبلَ، إذ لا شيء هناكَ سوى توقيعِ يديَّ على الجدرانْ! لا شيءَ هناك من الزخرفِ. وليس هناك سوى ظلي منعكسا في الجدرانِ. ليس هناك سوى خوفي يرقبُ أطيافا تتماوجُ حولي. يمامةُ حزني، يمامةُ حضني، يمامةُ شطآني. ثلاثُ يماماتٍ تمرحُ في جدران الكهفِ، ولا شيء لديّ سوى توقيع يديّ على الجدران!

لستُ على استعدادٍ للحبِّ. كل حبيباتي في قلبيْ –الأكثرُ موتا منهنّ، والأحياء-.
الأكثرُ إيغالا في الذكرى، هنّ الأبقى، فأنا أيضا شبحٌ مخفيٌّ إلا في (وجهِ كتابٍ). وجهٌ أتمرأى فيه أصيلا، بعذاباتي، ونداءاتي، والحزنِ الطافحِ في عينيْ. إني مرهونٌ للماضي، هل يخرجني من تابوتي (وجهُ كتابْ)؟
إني مخفورٌ بنهودٍ تحرسني حتى السجنِ. بنهودٍ أتهجّاها طفلا لن يُفطمَ يوما. بنهودٍ تسجنني في (وجهِ كتابٍ) لا أقرأه. كتابٍ ينقصه الحرفُ كما ينقصه التلوينُ. فأنا أيضا شبحٌ مخفيٌّ تحرسه نهودٌ لا أقطفها. تَصْنَعُهُ دموعٌ أقطفها وأحنّطها بالشمعِ وبالغفران. محروسٌ بنهودٍ تصبحُ دمعي، فأنا لا أعشق إلا الدمعَ. لا أعشق إلا المحزوناتِ –كحالي-. لا أعشق إلا المكسورات كقلبي. المجروحاتِ كفشلي في أنْ أصبحَ فنانا. لا أعشقُ إلا من يتقيأن بدربي وأنا آخذهن لبيوت أهاليهنّ تلايا الليلِ. لا أعشقُ إلا من يحببن رجالا فاقوهن العمرَ بجيلٍ أو أكثر. لا أفتحُ قلبي إلا ليتيمةْ. لا أعرف إلا عذراواتٍ آثرن تجاهلَ زملاءِ الدرسِ—واخترنَ رجالا بدأ الشيبُ يخطُّ مآقيهم. لستُ على استعداد للحب سوى ما يوقظ عصفورا أخضرَ في القلبِ. لثلاث يماماتٍ أشهد أني منثورٌ –كغبار النجمِ- بين حناياهنّ، ثناياهنّ، وحولَ خطوطٍ تتماوجُ بين الزرقةِ والخضرةِ بكتابِ الثدي. أهو الثدي الأيمن يأسرني أكثرَ أم ما تحتَ الحلمةِ؟ لن أذهبَ في القولِ بعيدا يا مِقْصَلتي، فأنا لا أعشقٌ إلا الدمعَ. لا أعشق إلا المحزوناتِ –كحالي-. لا أعشق إلا المكسورات كقلبي. لا أعشق غيرَ ثلاثِ يماماتٍ مكلوماتٍ، وأنا العشُّ الأكثر حزنا. يمامٍ يتهادينَ على جدرانِ الكهفِ الأنبلِ، إذ لا شيء هناك سوى توقيعُ يديّ على الجدرانْ! 

لستُ على استعدادٍ للحبِّ.
فأنا مهووسٌ بيماماتي. يمامةِ حزني، يمامةِ حضني، يمامةِ شطآني.

No comments:

Post a Comment

Note: Only a member of this blog may post a comment.